Friday, January 13, 2012
Thoughts from a fossilized mind....
خواطر عن العقل الأحفوري ... بقلم : طارق حجي ولعت (منذ دراستي للشريعة الإسلامية بشكل معمق ضمن مواد الماجيستير فى القانون منذ أربعين سنة بالتحديد ) بدراسة الفقه الإسلامي . وهو عمل بشري محض صاغ مؤسسه المعروف بالأمام الأعظم أبي حنيفة النعمان تعريفا رائعا له بأنه علم إستنباط الأحكام العملية من أدلتها الشرعية. ولم أكتف بدراسة شاملة ومعمقة للفقه الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي وفقه مذاهب أخري سنية اندثرت مثل فقه الإمام الليث وأبي جعفر الطبري ، وإنما امتد بحثي لسائر فقه الشيعة ، واهمه فقه جعفر الصادق (وهو ابن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن ابي طالب) ، كما شغفت (من باب الفضول ليس إلا) بفقه مذاهب الخوارج الأربعة ، وأهمها فقه الإباضية وفقه الأزارقة ... كما عرجت على موضوع هام فى التاريخ الإسلامي ، وهو موضوع "الفرق" ... ولم اعجب بفرقة كما اعجبت بالمعتزلة ومن إنبثق عنهم (كالزمخشري فى التفسير والجاحظ فى الأدب ... (وسحرني عقل غيلان الدمشقي الذى كان ينكر فكرة القدر ، ويعتبرها نافية لمسئولية الانسان عن اعماله الخيرة والسيئة ... وسأكتب فى يوم من الأيام عن رحلتي فى هذه العوالم والتى بدأت فى السبعينات بسبب إفتتانى بمؤلفات العلامة المصري محمود اسماعيل الرزاق بوجه عام ، وكتاباته الفذة عن الخوارج والقرامطة . ولكنني أكتفي فى هذا المقال بعدد من الملاحظات والأسئلة الملحة . عاش فقهاء المذاهب السنية الأربعة الكبري (أبو حنيفة ومالك ومحمد بن ادريس الشافعي واحمد بن حنبل) ما بين سنة 70 هجرية وسنة 220 هجرية (690 - 840 ميلادية) . ومن الغرائب والعجائب ان الاول كان اكثر تحررا من الثاني ، وان الثاني كان اكثر تحررا من الثالث ، وان الثالث كان اكثر تحررا من الرابع ... وان الرابع كان اكثرهم محافظة وانعدام حرية عقلية امام النص واكثرهم نقلا واقلهم عقلا ! وسأعطي مثالا واحدا : فبينما سوغ ابو حنيفة رفض الفقيه لتأسيس الأحكام على الأحاديث التى تسمى أخبار أحاد" ، فإن مذهب الرابع (احمد بن حنبل ، واشهر شراحه ابن تيمية وابن قيم الجوزية والداعية الذى سار على نهجهم محمد بن عبدالوهاب الذى تنسب له الوهابية) قام كله (او جله) على اخبار الأحاد ! .... ومن ملاحظاتي أيضا ، أن المحافظين فى التاريخ الإسلامي اتسموا دائما بإنتقائية فيما يقدمونه لطلاب العلم ! فاليوم (وبسببهم) يظن كل المسلمين ان كبار العقول المسلمة آمنت دائما بالقضاء والقدر ، وهو قول غير صحيح ، فهناك عقول مسلمة جبارة كانت ترفض فكرة القضاء والقدر (فرقة "القدرية") ... وهناك مئات الأمثلة على هذه "الإنتقائية" غير العلمية ... والتى أدت بالمسلمين لشكل من النمطية السلبية المنافية لطبيعة المعرفة والثقافة والعلم . ومن أشهر هذه الأمثلة إخفائهم لرأي أبي حنيفة النعمان بخصوص عقوبة المرتد ... فرغم انه لم يرفض العقوبة ، الا انه ابطلها بقوله ان المرتد يستتاب ، وان مدة الإستتابة هى "طول عمر المرتد" !!! ومن ملاحظاتي التى أود أن أعود لها لإيفاءها حقها من البحث ، ان اعظم العقول المسلمة مثل ابن سينا والفارابي وابن رشد (وكثيرين غيرهم) قد إدمغوا جميعا من طرف اتباع المذهب الحنبلي بالكفر !!! ورغم ان رجلا مثل ابن تيمية هو صاحب عقل بالغ المحدودية ولا قبل له بمعالجة القضايا الفلسفية العميقة ، فقد اعطي نفسه الحق ان يكفر رجالا لاشك أن المتابع القادر على فهم أوزان الرجال والعقول سيقر بأنهم أساتذة أساتذة أساتذة ابن تيمية .... والخلاصة ، ان . العقل المسلم بسبب حاكم مظلم العقل (هو الخليفة العباسي الثامن "المعتصم") وبسبب علو سلطان ونفوذ أكثر الفقهاء المسلمين "قلة عقل" (أحمد بن حنبل وشراح مذهبه الأساس : إبن تيمية وإبن قيم الجوزية) قد أصابته حالة فريدة من الجمود والخمود والركود ، بل والتكلس والتحول لحفرية من الحفريات . وهى "حفرية فكرية وذهنية وثقافية" لا تشكل خطرا على الإنسانية فحسب ، بل انها تشكل خطرا على المسلمين انفسهم ، إذ تأخذ المسلمين ومجتمعاتهم لحالة عداء ، بل وحرب مع الإنسانية .... ورغم الحالة حالكة الظلام عميقة التأخر شديدة البدائية لعقول ملايين المسلمين المعاصرين الذين تستقطبهم رؤي فكرية لا تمت للعصر وللعلم وللثقافة المعاصرة بأية صلة ، ورغم أن بعضهم يردد مقولات وأفكار ووجهات نظر لا مثيل لها - على سطح الكرة الأرضية اليوم - من التخلف والبدائية والظلامية .... فإنني على يقين ان المستقبل سيشهد زلازلا تهز العقل المسلم وتهد العديد من بناه الأحفورية بما يماثل ما حدث للمسيحية منذ زلزالي مارتن لوثر وكالفن ... وسيصل المسلمون لقناعة بفصل الدين عن الدولة وبفصل الدين عن التشريع الدستوري والقانوني ، بل وسيصلون لفقه يقوم على "خصوص السبب ، لا عموم النص" ، وهو ما سيسمح بآراء جديدة (مناسبة للعصر وللعلم ولمسيرة التقدم الإنساني) فيما يخص المرأة والآخر ... ولكن بيننا وبين الوصول لذلك الأفق الأرقي سنوات وعقود وكفاح مرير لنصرة العقل والعلم والتقدم ، ولهزيمة سدنة الرحلة الآثمة التى بدأت مع مجيء حاكم سمح للحنابلة بذبح (بالمعني الحرفي للكلمة) المعتزلة فى أزقة دمشق .... وما زال أهل العقل فى مجتمعاتنا من يومها يذبحون إما حرفيا او مجازا بسلاح دعاة التخلف الذى قل نظيره فى تاريخ الإنسانية ..... كتب هذا المقال فى مدريد ليلة 11 يناير 2012
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
أعتقد أن محنة أحمد ابن حنبل بدأت فى الانكشاف فى عهد المعتصم كما ذكرت لكن تغلب مذهب السنة كان فى عهدالواثق ثم تغول فى عهد المتوكل
ReplyDelete